• info@mof.gov.sd
  • 2024-12-09
  • |
  • النسخة التجريبية

كلمة السيد/ د. جبريل إبراهيم محمد وزير المالية والتخطيط الإقتصادي في الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر الإقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب خلال الفترة 20-19نوفمبر 2024م ولاية البحر الأحمر- بورتسودان- فندق الربوة

الحمدلله رب العالمين و الصلاة و السلام على رسوله الصادق الأمين
فخامة الفريق أول ركن/ عبد الفتاح عبدالرحمن البرهان- رئيس مجلس السيادة الإنتقالي
الإخوة الوزراء
السادة ممثلو السلك الدبلوماسي المعتمدون بالسودان
السيد/ ممثل منسق برامج الأمم المتحدة بالسودان
الإخوة حكام الولايات والولاة
الأستاذة الخبراء والأكاديميون
الضيوف و المؤتمرون الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أخاطبكم اليوم و بلادنا العزيزة تواجه مؤامرة إقليمية و دولية كبرى يعاني شعبنا ويلاتها، و دفع بعدو
داخلي و ّجه سلاحه و آلته التدميرية تجاه المدنيين العزل في القرى و البوادي، و أذاقهم صنوف العذاب.
و لا شك عندي أن الطمع فيما حابانا الله بها من موارد لا تحصى – والتي إذا ما أحسنا إستغلالها
الإستغلال الأمثل لأصبحنا حتماً من الدول الكبرى الرائدة في محيطنا الإقليمي والدولي – أحد أسباب
هذا اللإستهداف البربري اللاأخلاقي.
فرضت هذه الحرب الوجودية على وزارة المالية ظروفا إستثنائية تطلبت تدابير إستثنائية لإدارة
الاقتصاد الوطني، و قد مضى على هذه التدابير أكثر من عام و نصف العام، فراينا أنه من الأوفق عقد
هذا المؤتمر لتقييم السياسات التي إتبعتها الوزارة و القطاع الإقتصادي و الحكومة عموماً خلال هذه
الفترة، للإستهداء بآراء المشاركين في هذا المحفل في تقويم ما إعو ّج، و تمتين ما كان على جادة
الصواب.
و لا يتأتى ذلك إلا عبر حوار بناء و شفاف يعلى مصلحة المواطن و الوطن. فإسداء النصح المخلص
في مثل هذه المنعطفات التاريخية للوطن، واجب لا يسقط عن المستطيع. إن معالجة قضايا وتحديات
الوضع الإقتصادي يتطلب إجراء تحليلات عميقة وتشخيص دقيق عبر إجراء نقاشات وحوارات علمية
اقتصادية موسعة يشارك فيها االخبراء و التنفيذيون و المختصون والمهتمون بالشأن المعاشي للناس.

ومن هنا جاءت فكرة قيام المؤتمر الأول لمواجهة تحديات الحرب تحت شعار” نحو تحقيق التعافي
معاً
الاقتصادي المستدام” بهدف الخروج بمقترحات وحلول عملية تعالج كافة قضايا راهن الإقتصاد الوطني
مع تقديم رؤية تعين على بناء مستقبل أفضل للإقتصاد السوداني. سيستمر هذا المؤتمر على مدي يومين
يتم فيهما أوراق علمية عدة في محاور إقتصادية مهمة، نرجو أن يجد الحضور جميعاً متسعاً لتقديم
رؤاهم و مقترحاتهم حولها.
الأخ الرئيس:
الحضور الكريم:
داهمتنا هذه الحرب اللعينة، التي خطط لها و نفذها مليشيا الدعم السريع المحلولة و ذراعها السياسي،
و البلاد مقبلة على إصلاحات إقتصادية أساسية تمهد تنفيذها الطريق نحو نهضة تنموية كبرى، و
يشمل ذلك الاستثمار في الإنسان و البنية التحتية اللذان تقوم عليهما التنمية، و إصلاح الإختلالات في
مناهج التنمية، و زيادة الإنتاج و الإنتاجية، و إضافة قيمة بالتصنيع لصادراتنا و إستهلاكنا المحلي و
تقليل الإعتماد على التمويل الخارجي في تسيير الدولة.
إلا أن هذه الحرب اللعينة قد أفسدت علينا كل الخطط الطموحة، و ردتنا إلى مربع الصمود من أجل
البقاء، و أجبرتنا إلى اتباع سياسات تقشفية قاسية دون أي مسكنات لأننا فقدنا مصادر إيراداتنا

الضريبية الأساسية بفقداننا للأمن و الإستقرار في العاصمة القومية التي تصادف أن تر ّكز فيها جل
النشاط التجاري و الصناعي و الخدمي، و هذا من عيوب التنمية غير المتوازنة.
لم تفقد بلادنا في هذه الحرب اللعينة مصادر إيراداتها الرئيسة فقط، و لكنها فقدت أيضا جزء معتبرا
من رأسمالها البشري و المادي، و إنتاجها و أصولها الثابتة و المنقولة، و بنيتها التحتية، و إنتاجها
الزراعي و الصناعي، و فرصا ثمينة للإستثمار و التجارة. كما فقدت جزءاً مهما من بياناتها وذاكرتها
المؤسسية، مما جعل ذلك مهمة المركز القومي للمعلومات عسيرة للغاية.
الأخ الرئيس:
الحضور الكريم:
لولا لطلف الله ج ّل شأنه، ثم قوة بنية إقتصادنا الريفي و إعتماد نسبة عالية من مواطنينا على القطاع
الإنتاجي التقليدي، بجانب السياسات التقشفية التي ألجأتنا إليها الحرب، لإنهار إقتصادنا جراء توقف
ج ّل نشاطنا الإنتاجي. و لا شك أن تدمير إقتصادنا الوطني كان و لا زال هدفا أصيلا من أهداف هذه
الحرب اللعينة.
و لكن بحمد الله و توفيقه، لم يتحقق و لن يتحقق ما يرجونه لإقتصادنا و بلادنا. و أبشركم بأن إنتاجنا
الزراعي في الموسمين السابقين ممتاز بكل المقاييس رغم سعي المليشيا لنهب و إتلاف كل ما يقع

تحت يدها، و حيلولتها دون وصول الغذاء إلى محتاجيها. و نعد العدة للموسم الزراعي الشتوي، و
سيكون ناجحا مثل المواسم السابقة بحول الله و قوته. و بنجاح المواسم الزراعية و التحسن النسبي في
إيرادات الدولة، سنعمل في الحكومة على زيادة الإيرادات بزيادة إنتاج البترول و الذهب، و دعم
القطاع الزراعي بشقيه.
و سيستمر تركيزنا على أولوياتنا في دعم المجهود الحربي، و الإستجابة الإنسانية، و في دعم
الخدمات الصحية، و التعليم، و الإنفاق على الحماية الإجتماعية المباشرة. نعد موظفي الدولة بأننا
سنعمل على دفع كامل مرتباتهم في العام المالي القادم بدلا من خصم نسبة منها، كما نعمل على تمكين
الوزارات الإتحادية و الوحدات الحكومية من إستقدام عدد أكبر من موظفيهم الأساسيين للوفاء
بمطلوبات أعمالها.
و يبقى دعمنا للولايات على النسبة المتفق عليها من إيراداتنا الحقيقية، و ندعو الإخوة الولاة و
حكوماتهم إلى العمل على زيادة إيراداتهم و الإعتماد عليها في تسيير و تنمية ولاياتهم، لأنه لن يكون
للحكم الفدرالي معنى إن لم تصاحبه فدرالية مالية.

الأخ الرئيس:
الضيوف الكرام:
أرجو أن أكد لكم بأن التعافي من الآثار السالبه والمدمرة للحرب في المجال الإقتصادي والإجتماعي
والإنساني والبيئي، يتطلب جهدا وطنياً محكم التنسيق، ودعما إقليمياً و دوليا مقدراً. و حتي لا تتمدد تلك
الآثار على محيطنا الإقليمي و الدولي، ندعو المجتمع الدولي للقيام بمسئولياته الإنسانية و التنموية و
البيئية تجاه هذا البلد، و أن يراعي فيها أسباب الهشاشة و الأضرار البيئية التي جرتها الحرب على
البلاد، و التي قد تتأثر بها الأقليم ككل إن لم يتم تداركها قبل فوات الأوان.
و يعلم الحضور أن قضية البيئة و التغير المناخي صارت في مقدمة إهتمامات المجتمع الدولي و
أولوياته، و خصص لمعالجتها ميزانيات ضخمة. و حيث أن السودان يتأثر و يؤثر بالتحولات المناخية
و البيئية من حوله، أفردنا ورشة للبيئة ضمن مناشط هذا المؤتمر أرجو أن تحظى بمشاركة فاعلة من
الحضور.

الأخ الرئيس:
الضيوف الكرام:
لقد عكفنا خلال الفترة الماضية على إعداد رؤية إقتصادية إستراتيجية لإعادة الإعمار لما بعد الحرب,
و قد شارك فيها إعدادها عدد مقدر من الخبراء والتنفيذيين من الوزارات والوحدات الحكومية
المختلفة، بجانب مختصين وأكاديميين وممثلي القطاع الخاص. حيث اطلع المشاركون في إعداد
الإستراتيجية على تجارب دول عدة مرت بظروف مماثلة، و بحروب ونزاعات مدمرة.
و غطت الرؤية محاور متعدده في مجال التعافي الإقتصادي، وأداء القطاعات الإنتاجية والخدمية، و
تم تقدير حجم الدمار وفقاً لمعايير علمية متبعة في هذا المجال، كما حددت الورقة مشروعات إعادة
الإعمار في القطاعات الإنتاجية والخدمية، و تناولت مجالات التعاون الدولي العلاقات الخارجية،
والشئون الإنسانية والمصالحات الإجتماعية وحقوق الإنسان والجوانب التربوية والنفسية للحرب
والتعويضات ومجال البيئة والتغيير المناخي.
ووافقت عدة جهات خارجية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنك الأفريقي للتنمية على
مراجعة وثيقة الرؤية وإبداء الملاحظات من اجل إعتمادها كوثيقة رسمية للدولة لفترة ما بعد الحرب
تقدم للمانحين والممولين الدوليين وشركات القطاع الخاص المحلية والأجنبية لإعادة الإعمار وبناء ما
دمرته الحرب.

الأخ الرئيس:
الضيوف الكرام:
في ختام كلمتي هذه، لا يسعني إلا أن أشكر الأخ رئيس مجلس السيادة على تشريفنا بإفتتاحه لهذا المؤتمر
رغم مشغولياته و مسئولياته الجسام، مما يدل على أنه يولي اهتماما كبيرا بقضايا الاقتصاد و معاش
المواطن فله من الحضور جميعا أجزل الشكر. و شكري موصول لكل الدستوريين و العلماء و الخبراء
و رجال الأعمال الذين شرفونا بحضورهم في هذا الصباح الأغر.
و الشكر أجزله للجنة العليا و اللجان الفرعية و الأخوات و الإخوة الذين تكبدوا مشاق الإعداد لهذا
المؤتمر و حفل افتتاحه البهيج. و لا أنسى أسدي الشكر أجزله للعلماء و الخبراء الذين أعدوا أوراق هذا
المؤتمر، و لمبتدري النقاش، و الذين سيقودون جلسات هذا المؤتمر. مع دعواتي لكم بمداولات بناءة،
و وقت منتج، و أعدكم بالاهتمام بمخرجات مؤتمركم و العمل على تنفيذ توصياتكم بكل دقة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته